ترهقنا النهايات…

ترهقنا النهايات…

قد تتعبك النهاية من كل شيء … ان تعيش احداث فيلم وتتوجس وترتبك وتتفاعل بل تتوغل في الذات الانسانية مع كل حدث سينمائي ثم تنتهي الرحلة الزمنية كأبعد حد خلال ساعتين… تنتهي وينتهي معها شيء منك او جزء منك تشعر كأنما أطفأه احد عنوة وبقيت في ظلام التساؤلات هناك وحدك …لماذا اختار المخرج ان يموت البطل ؟ … لماذا اراد ان ينتهي هكذا دون نهاية حتمية وتركنا في حيرتنا ؟ لماذا بعد كل التضحيات خان الحبيب خليلته او تخلى عنها ؟… لماذا اختار للبطلة ان تموت هذه الميتة دون اخرى كانت ارحم او اشد؟؟؟  تقع انت نفسك تحت رحمة جلاد التساؤل والحيرة…
كل النهايات متشابهة نوعا ما … نهاية السطر ونهاية الرواية ونهاية الشهر ونهاية الحياة  ونهاية العلاقات الإنسانية بكل أنواعها… كل نهاية لم يرتب لها او لم نتوقعها يوما مؤلمة واغلب النهايات مخيف وموجس الا نهايات الحرب  وحدها نحتفل بها رغم ما تخلفه من دمار ….

تؤلمنا النهايات وترعبنا لأننا متيقنين انها النقطة الأخيرة من السطر لا يليها سوى الفراغ… لاشيء من كل ما سبق سيعود ولو لحظة خارج مخيلتنا او ذاكرتنا… يغمرنا الحنين  لأننا ندرك اننا بلغنا ذروة اللاعودة واللاحضور بعد كل ذلك الإمتلاء …
النهايات حقا مؤلمة بكل انواعها في اللحظات الأخيرة من الوداع كأنما يعلق قلبك بجهاز نبض طبي لا تدري انت متى يتوقف تلوح بيد يرخي قبضتها الخذلان وتحركها لوعة الشوق والفراق ….
كيف نغتال كل المشاعر التي عمرت فينا ؟ حملناها كما تحمل الأجنة؟ كيف نجهض ارواحا تنبض حبا بغير حق؟ ايعقل ان تغتال الربة آمتها ؟؟؟

لا شيء اغرب من تكيف الذات البشرية  كيف يعقل ان يتجاوز الانسان كل تلك المشاعر واللحظات وان يتحدى الزمن  في التجاوز … ويتقن فن النسيان او التناسي
والغرابة في الواقع ان كثيرون بيننا يتجاوزون عن رغبة مع توفر كل  ظروف سبق الاصرار والترصد … 
رغم ذلك اظن اننا اذا قمنا بعملية تشريح. .. ذاكرتهم… مشاعرهم… داخلهم… سنجدهم محملين ولو ببعض او جزء مما يحمله غيرهم… هم يغالبون تكبرا او مصلحة فقط … فكل الأشياء التي تنبض فينا ولو لمرة ستبقى داخلنا وان انطفأت … تبقى هناك في الداخل لا احد يراها ولا يسمعها الا نحن نتوجس منها لاننا نعلم انها طيف يزورنا كلما هدأ العالم من حولنا… انها الضيف الثقيل الذي لا يشرفنا الا ليلا  يجر وسادة الذكريات والشوق خيلاء على مشاعرنا…كبريائنا يسحقنا في لحظة شوق كأنما لم نكن من قبل … يبعثرنا من الداخل كما تفعل دورية تفتيش -متوحشة - في بلد عربي …
نموت نحن وتبقى كل الحقائق الانسانية مستيقظة وحية نابضة في مكان ما من هذا العالم ربما ذكرى وربما بين دفات كتاب وربما في حروف وغالبا ما غصة في ثوب قصة تبعث على الشفقة يلوكها المجتمع كأنما علكة لا تنتهي مدة صلاحيتها ….

لمينة الخطاط