وما الذكر إلا أن يغيب بذكره
عن الذكر في المذكور ومن له يلقى
ومن كان ذا عقل فليس له ذكر
ومن غاب عن ذكر فحق له يرقى
الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان.
واعلم إن الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان بمداومة حضور القلب وإخلاص ذكر اللسان. مع رؤيته منه. السيد يجري إطلاق الذكر على لسان العبد.
وقيل الذكر هو الخروج من ميدان الغفلة إلى فضاء المشاهدة. على استيلاء الخوف وشدة المحبة وهيجان الشوق وقلة الغلبة.
وحقيقة الذكر إفراد المذكور بغيبة الذاكر عن ذكره. وفنائه في المشاهدة والحضور لم يغيب بمشاهدته في مشاهدته. فيشهد حقا بحق فيكون الله هو الذاكر والمذكور.
فمن حيث جريان الذكر على لسان العبد كان ذاكرا له. ومن حيث تيسيره له وتسهيله على لسانه هو ذاكر لعبده فما به ذكره. ومن حيث بعث الخاطر ابتدأ منه كان ذاكرا لنفسه على لسان عبده كما روي في الحديث الصحيح أنه قال تعالى: “كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به “الحديث. وفي رواية أخرى: “كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا ومؤيدا”…الحديث.
أنواع الذكر
والذكر تختلف أنواعه وتتعدد والمذكور واحد لا يتعدد ولا يتحدد، وأهل الذكر هم أحباب الحق من حيث اللوازم،وهو على ثلاثة أقسام:
ذكر جلي.
وذكر خفي.
وذكر حقيقي.
فالذكر الجلي: لأهل البداية وهو ذكر اللسان يصرف الشكر والثناء والحمد بتعظيم النعم والآلاء ورعي العهد وحسنته بعشرة إلى سبعين.
والذكر الباطن الخفي: لأهل الولاية وهو ذكر سر القلب بالخلاص من الفترة. والبقاء مع المشاهدة بلزوم مشاهدة الحضرة وحسنته بسبعين إلى سبعمائة.
والذكر الكامل الحقيقي: لأهل النهاية. وهو ذكر الروح بشهود الحق إلى العبد. والتخلص من شهود ذكره ببقائه بالرسم والحكم وحسنته بسبعمائة إلى ما لا نهاية له بالتضعيف لأن المشاهدة فناء لا لذة فيها والروح له ذكر الذات.
والقلب له ذكر الصفات. واللسان له ذكر العادة للتعرضات. فإذا صح ذكر الروح مكث القلب عن ذكره ذلك وذكر هيبة الذات. وفيه إشارة إلى التحقيق بالفناء. وإشعار بالقرب. وإذا صح ذكر القلب سكت اللسان وفتر عن ذكره وذلك ذكر الآلاء ونعمها اثر الصفات. وفيه إشارة إلى استدعاء وجود بقية دون فناء وإشعار تضعيف القبول. فإذا غفل القلب عن الذكر أقبل اللسان على الذكر عادة وتعرضا. ولكل واحد من هذه الأذكار آفة. فآفة ذكر الروح اطلاع سر القلب عليه وآفة ذكر القلب إطلاع النفس عليه. وآفة ذكر النفس التعرض للعلات. وآفة ذكر اللسان الغفلة والفتور .
الناس في الذكر على ثلاثة أقسام
عامة مفادون. وخاصة مجتهدون. وخاصة الخاصة مهتدون.
فذكر العامة بداية للتطهير.
وذكر الخاصة وسط للتقدير.
وذكر خاصة الخاصة نهاية للتبصير.
فذكر العامة بين نفي وإثبات. وذكر الخاصة إثبات في إثبات. وذكر خاصة الخاصة حق بحق إثبات الإثبات. من غير روية واسعة ولا التفات. فذكر الخائفين على وعيده. وذكر الراجين على وعده. وذكر الموحدين بتوحيده. وذكر المحبين على مشاهدته وذكر العارفين ذكره له لا بهم ولا لهم. فالعارف يذكر الله تشريفا وتعظيما. والعالم يذكر الله تنزيها وتمجيدا. والعابد يذكر الله خائفا وراجيا. والمحب يذكر الله ولها. والموحد يذكر الله هيبة وإجلالا. والعامة تذكر الله عادة جارية. والعبد مقهور وللذكر مذكور. والمكلف غير معذور.
كيفية الذكر على ثلاثة أحوال
ذكر البداية للحياة واليقظة. وذكر التوسط للتنزيه والطهارة. وذكر النهاية للوصلة والمعرفة.
للذكر ثلاث مراتب منها
ذكر الغفلة وجزاؤه الطرد واللعن.
وذكر الحضور قرب وزيادة وفضل.
وذكر الاستغراق محبة ومشاهدة ووصل
الذكر لا يخلو من ثلاثة أشياء
أما ذكر اللسان بقرع باب الملك وهو كفارة ودرجات.
وأما ذكر القلب بإذن مخاطبة الملك وهو زلفا وقربات.
وأما ذكر باللسان والقلب غافل هو ذكر العادة العاري عن الزيادة. والذكر باللسان والقلب خاطر هو ذكر العبادة المخصوص بالإفادة. والذكر بكل اللسان وملء القلب هو الكشف والمشاهدة. ولا يعلم قدره إلا الله تعالى.