إن تنظيم المهرجان في المدن القديمة، وإن لم تعد مدنا بالمقاييس الدولية الحديثة، له من الإيجابيات ما يجعله مستساغا بل مطلوبا، ذلك أنه يتيح الفرصة للتعريف ميدانيا بهذه الحواضر وما تحويه من كنوز، ناهيك عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية، علي الساكنه. وقد اختيرت هذه الطريقة أصلا لئلا تموت تلك الحواضر،مما قد يؤدي إلي شطبها من قائمة التراث الإنساني ولتظل شواهد حية علي "بداوتنا العالمة".
لكن المعضلة هي انعدام الحرفية في تنظيم تظاهرات دولية بهذا الحجم في أماكن أثرية لا تتوفر بالضرورة علي المرافق اللازمة. ولتفادي النواقص التي قد تكون لوحظت في الماضي كما في الحاضر رغم التضحيات الجسام التي بُذلت من لدن الفاعلين المحليين، ينبغي في نظري، اتخاذ التدابير التالية:
- إنشاء هيئة دائمة تُعني حصرا بتنظيم مهرجانات "مدائن التراث"وتكوين طواقمها حتي تكون علي مستوى الحدث، متأسِّيةً في ذلك بأكثر البلدان خبرة في المجال، والتعاقد مع الهيئة المذكورة، للوصول إلي النتائج المرجوة،
- إعداد تصور مالي وعلمي وفني يحيط بجميع فعاليات المهرجان من فنون مختلفة، وخطابات ومحاضرات وجدولة دقيقة لكل تلك الفعاليات وتحديد المسؤولين عنها وإخضاعها للعرض والتقييم المسبق من قبل لجنة عليا تضم كل الخبرات المطلوبة،
- منح الأولوية المطلقة في الإيواء والضيافة والتدخلات والمقاعد، للمدعوين الأجانب وإحاطتهم بالعناية اللازمة من حيث الإرشاد والمرافقة والمجالسة،
- حصر المدعوين الوطنيين علي الشخصيات التي لديها صفة معينة أو إسهام معلوم في المهرجان مع توخي الصرامة التامة في احترام أماكن ومقاعد جلوسها في المحافل الرسمية للتظاهرة،
- تحديد أماكن الإيواء مسبقا والتأكد من جاهزيتها ومن جاهزية المضيفين والسلامة الصحية للأطعمة و ملاءمة المكان والتأكد من وجود الماء الجاري والكهرباء فيها،خاصة بالنسبة للضيوف الأجانب،
- المنع المطلق من الولوج إلي المنصة الرسمية لمن لا يوجد اسمه في اللائحة و لم يخصص له مقعد سلفا.
هذا مع إجراء التمارين التحضيرية و مشاهد للمحاكاة (simulation )لكل الفعاليات والنشاطات المبرمجة حتي يتم التأكد من وجاهتها وضبط التنسيق والجدولة للحيلولة دون الارتجال والتداخل والتزامن أو الإقصاء، علي أن يُدرج مسار المهرجان برمته و مختلف فقراته ضمن تطبيق معلوماتي يتم تشغيله من طرف أخصائيين، يديرون العملية ألكترونيا ويراقبون مجرياتها.
ولمزيد من ضبط العملية، يتعين إعداد ميثاق أخلاقي يحدد المبادئ والمسلكيات التي يتحتم أن تحكم المهرجان و تضع الآليات الضرورية لاحترام الضوابط، علي يتم توقيع الميثاق من لدن كافة الشركاء المؤسسيين المعنيين.
الوزير السابق يحيى ولد كبد يكتب عن مهرجان مدائن التراث
