تعليق للدكتور الكاتب اشيب أباتي على صور نشرتها وكالة الساطع الاخبارية لمقبرة السياسية بمدينة كيفه

حسبي الله ونعم الوكيل،،، هذا مشهد لو توقع كل واحد، أن هذا مستقبله في منزله الثاني تحت حوافر الحمير، وأقدام المشاة، وامكان تعرض جثته للتبول عليها من الحيوانات، أو من المارة، وإلقاء النفايات الجامعة لفضلات الحيوان...!! فلن يتوانى أحد من المسئولين، وغيرهم عن المحافظة على المقبرة بحائط، وليس بسياج فحسب، ليقي الأموات، ويحفظ على حقوقهم التي لم تسقط - عن اهل المدينة - اهلية وجوب حمايتهم بما يضمن مقبرة تليق بهم، وهو جزء من حماية الأحياء حين يصيرون إلى ماصار إليه آباؤهم، واخوانهم، وجيرانهم من مجتمع مدينتهم ..!!! ........ ما هكذا يكون السلوك مع الأموات، وقطع علاقة المسلم مع أمواته،،وديننا وضع حدود هذه العلاقة القائمة على الرضى بقضاء الله وقدره، والترحم على الميت المفقود، وتذكره بالدعاء له في كل اواقات الاستجابة كليلة الجمعة، ويومها..فضلا عن إلحاق الادعية، وكذلك الصدقات لتكون عند الله حسنات للميت أما كانت، أم أبا، أم اخا، أم اختا، أم قريبا، أم صديقا، أم شخصا كانت له قيمة دينية، أم اعتبارية اجتماعية..! .... إذا كانت هذه علاقة المسلمين في مجتمع هذه الولاية الكبيرة، وهي المتفردة بالحضور الكبير اجتماعيا وثقافيا، ودينيا، وحضريا، فهي مدينة لها تاريخ منذ ثلاثينيات القرن الماضي، إلى وقتنا الحاضر.. لكن تعالوا لنقارن بين هذا السلوك الذي أقل ما يمكن أن يوصف به، هو قطع الأرحام مع أمواتنا،، الذي نهى عنه الله سبحانه وتعالى، ورسوله في دعوته بما معناه :" كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تعظ قلوبكم، او تلينها"... ووجه المقارنة بينكم في هذا الواجب المتروك، وبين السلوك الذي شكل التزاما عاما للنصارى، واليهود، واللادينين في واحد من المجتمعات الأوروبية التي اعيش فيها، وكنت أشعر بالضيق إذا انتهى أجلي فيه... والآن ربما زال هذا الشعور، نظرا لما رأيت في هذه المقبرة، والإهمال المفجع الذي نبه الاستطلاع على تبعاته على الأموات والاحياء معا ... فأهل مدينة " هلسينكي"، خصصوا لكل أهل ملة مقبرة تظللها الاشجار،،، فللمسلمين مقبرتان، الثانية في مدينة" أسبو" ، وتبعد عن هذه عشرين كيلومتر فقط،، وذلك نظرا لأن الجاليات المسلمة متوزعة في المدنيين، فقد اعطوا مقبرتين،،، أما حقوق المسلم الميت، فحدث ولا احراج في ذلك الا بالمقارنة المحزنة بما في مجتمع " كيفة" حيث اسقاط حقوق الميت... بينما نرى عكس ذلك، فهي حقوق من واجبات المدينة، فضلا عما في الموروث الثقافي والديني للمجتمع تجاه الميت ، لذلك تمت رعاية حقوقه، بحيث أنه عند موته، يرفع إلى المشرحة في سيارة الاسعاف، والدفع من البلدية، ثم عند حصول الموت، تعلم البلدية بذلك، فتقوم إداتها بمراجعة ديانة الميت، والتحقق منها، وإذا كان مسلما، فيتم الاتصال بالجمعيات المسلمة، ويحدد لها يوما، لنقله من ثلاجة المستشفى، ونظرا لما يقدم من مال للجمعيات الإسلامية، والحقوق الشرعية، فيتم الاستجابة لرفع الميت، ودفنه، والصلاة عليه... فحقوق الميت هنا تشمل: مالا للقائم على حفر القبر، وكذلك مالا آخرا لشراء الكفن،وللحافلات التي تنقل جمهورا من المسلمين من مختلف المصليات للصلاة عليه في المقبرة، وليس في المصلى.. و مجموع الأموال المقدمة للجمعية الإسلامية عن دفن كل ميت تتراوح بين 3 ثلاثة آلاف، و خمسة آلاف يورو..والمبلغ الأخير سمعت انه ترافق مع ارتفاع الأسعار منذ 2020. بقي أن أشير إلى أن المقار كلها، كثيرا ما تكون في أطراف المدن الأوروبية،،، بينما المقبرة التي وصل العمران إليها، او تجاوزها،، تحوط بحائط مرتفع..وعلى بوابتها مبنى يتواجد فيه بعض من حفاري القبور، وجرار تحفر به المقابر.... ......... أما علاقة غير المسلمين بمقابرهم، فهي، تثير كثيرا من التساؤل حول معتقدهم، والتناقض الحاصل عندهم ، فمعظمهم، إن سئل، هل يؤمن بالنشور بعد الموت، فيقول : لا..بينما علاقته بميته، هي علاقة روحانية، أملتها الثقافة الاجتماعية في أن الشخص الذي عنده ميت ، فهو مقتنع بأن يزور قبره حاملا الزهور، ويضعها على قبره... ........... السؤال الموجه لمجتمعنا في مدينة " كيفه"، هو : لماذا تكون هذه العلاقة الجوانية والإنسانية تستحق الكتابة عنها من طرفي عن اخلاق النصارى، سواء ما تعلق باهتمام وعناية بالميت من طرف البلدية، او بانسانية الملحدين تجاه امواتهم،، ولا تكون هناك علاقة مشابهة كالتزام ديني وروحاني، واجتماعيي بين المسلمين في مدينتنا...؟! أتمنى من الله تعالى، أن تجددوا علاقتكم بامواتكم، وترحمونهم بمقبرة لائقة، تستجيب لمطالب المفروضات الدينية، والاخلاقية، والقيم الحضارية... وهل أحتاج إلى التذكير، بالمأثورات: ارحموا من تحت الأرض يرحمكم سبحانه تعالى، وهو الرحمن الرحيم، وهو معكم أينما كنتم فوق الأرض، وتحت الأرض في أجل مسمى...؟ إنه سميع مجيب...