فالَه الشنگيطية
فالَه بنت أحمد ولد المُبارَك ولد الحاج احماه الله الغلاوية الشنگيطية، من أشهر سيدات المجتمع في المنتبذ القصي في القرن الثالث عشر الهجري، تُعرف بفالَه الغلاوية، وفالَه العلوية، وفالَه الشنگيطية، ثلاثة أسماء لسيدة واحدة.
تزوجها العلامة العارف بالله أحمد بن محم بن العباس العلوي رحمه الله، إبّان سكنه في مدينة شنقيط
كان أحمد بن محم بن العباس عالما فقيها بارزا له اطلاع واسع في التراجم والتاريخ واللغة والأدب والتصوف، جمع الكثير من المخطوطات النادرة والوثائق المهمة التي ساعدته في الحصول على معلومات جمة حول التصوف والسِّير والأعلام، كما جعلت منه مصدرا يعتمده جل من كتب حولهذه المواضيع.
ومن أشهر كتبه التى ألف كتابه (رَوْضُ شَمَائِلِ أَهْلِ الحَقِيقَةِ فِي التَّعْرِيفِ بِأَكَابِرِ أَهْلِ الطَّرِيقَةِ ) الذي حوى أمورا كثيرة لا توجد في غيره، كما أنه مرجع توثيقي هام.
التحق الشيخ أحمد بن محم، مع أولاد امبوجة العلويين التيشيتيين، بالشيخ المُجاهد الحاج عمر تال الفوتي، في مدينة (سيْگو - Ségou).
كان الحاج عمر صاحب دعوة إصلاحية، حارب الوثنيين، و حارب الوجود الفرنسي في غرب أفريقيا مدة 12 عاما، وأسس إمبراطورية التكرور، التي دامت قرابة 50 عاما.
بعد استشهاد الحاج عمر تال، صحب الشيخ أحمد بن محم، من بعده ابنه أحمدو.
كان حين يتحدث الناس عن الحاج عمر، يقول لهم: ما أجهلكم به !!
توفي الشيخ أحمد بن محم بن العباس العلوي سنة 1873م
رزق أحمد بن محم بن العباس، من زوجته فاله الغلاوية، ابنه محمد الكبير، وهو عالم مشارك في الفنون، وكان رفيق العلامة الشيخ محمد فال ولد باب (ابّاه)، في رحلة الحج.
من ميناء داكار بالسنغال، وحين ابتلعت اللجة الساحل، وهاج الموج تحت السفينة، ولفت الزرقة المدى، وبعد خمسة أيام من الإبحار بدت للرفيقين أعلام جزيرة "تناريف - tenerife" تلوح من بعيد.
وصلت السفينة ورست على شاطئ تناريف أكبر الجزر الخالدات "مجموعة جزرالكناري - canaria". بدت جبال تناريف أكبر من كدية "الزرگه" وجبال أوجفت فقال الشيخ العلامة الشيخ محمد فال بن باب مخاطبا رفيقه محمد الكبير، وهو من سكان أرض الحجرة على تخوم أوجفت:
أقول وقد لاحت كَنارِ جبالُها :: وأرسى بنا البابورُ صبحًا وأوجفا:
ألا هل رأى الخِلُّ (الكبيرُ) كهذه :: لدى جانب (الزرقاء) أو جنب (أوجفا)
حصل للشيخ محمد الكبير إشكال، فقرر البقاء في الديار المقدسة عاما ليُعيد حجه، ولم يرجع مع رفيقه الشيخ محمد فال(اباه).
من طريف أخبار الشيخ محمد الكبير أنه أوغل ذات رحلة جنوبا وتزوج زنجية، رزق منها بولد، وبعد مدة جلب معه الولد ليتربى في بيته وقال لربة البيت إنه غلام له.
ارتابت ربة البيت في أمر الولد، وشكت في أنه ابن زوجها من إحدى صولاته خارج الحي، فأرادت التأكد، فقالت لزوجها إنها قررت بيع الغلام، فقال كلمته الشهيرة: بيع أولاد محمد الكبير ولد العباس ابْحِرفتو !
نعود إلى السيدة فالَه، لقد عاشت فالَه في القرن الثالث عشر الهجري، وكانت سيدة مجتمع ذات حظوة وجمال، كمثيلاتها من شواعر وجميلات العرب مثل سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وكان لها صالونها الأدبي بمقاييس عصرها، يفد إليها الفنانون من كل حدب وصوب، وكانت مفتوحة في أژوان بارعه في الفن خبيرة بخفاياه وتفاصيله الدقيقة لا تُغفل مدره ولا برمه.
ومما حبّبها إلى الفنانين أنها كانت تنشئ الأشوار الخاصة بها، وما إن يغني الفنان أحد أشوارها حتى تطبق شهرته الآفاق، وكانت محبة ذات ذوق رفيع وحس مرهف، ولها مجموعة من الأشوار الزمنية دخلت في الخارطة الفنية داخل منظومة التدنيت، ويجهل الناس أنها لها.
يقال إنها ماتخبط التيدنيت يغير تعرف ابلد لشوار تطرح أصبعها على العبرَة وتگول إيگيو أردس هون.
سأل العميد محمدن ولد سيدي إبراهيم، الفنان الفذ المختار ولد الميداح رحم الله الجميع، وهو يعزف له أحد أشوارها، تساءل العميد: هيّ بأشوارها ؟َ
أجابه الفنان المختار: تخلع
وكان الفنان المختار ولد الميداح يسميها (فالَه الشنگيطية)
كانت للسيدة فاله مكانة كبيرة لدى أهل مدينة شنقيط، وكانت امرأة صالحة، مجابة الدعاء، مجربة في الاستسقاء، ذات أحوال وكشوفات.
يشبه الناس جذبها بجذب الصالح صُلاحي ول آبني التمگلاوي، ذات المدرسة والكلام المصروف عن ظاهره.
ويروى أن ابنها محمد الكبير كان يترزگى لها عن ذلك الكلام وقرر فى إحدى جلساتها أن يقعد لها مقعدا للسمع عن جنب وهي لاتشعر وأن يسجل في سجل عنده كل كلمة تقولها ثم يطلعها على ما قالت بعد ذلك.
جلس يكتب وبعد أن انفض السامر، وخلا له الجو مع أمه أخرج سجله فوجده خاليا لايحوي أي كلمة.
توفي الشيخ أحمد بن محم بن العباس عن ابنه محمد الكبير حدثا صغيرا، وحين بلغ الحلم، قررت والدته فاله أن تذهب به إلى أهله في لعگل بمنطقة الگبله للتعرف عليهم، وحين علم أمير اترارزه أحمد سالم ولد اعلِ (بياده) بقدومها من شنقيط إلى أرض الگبلة أرسل موكبا من الفرسان لاستقبالها ومرافتها، وفعل معها ذات الشيء في قفولها إلى شنقيط، إكراما لها واعترافا بمكانتها.
من أشهر أشوار فالَه شور (اتفركيس) ويشوهد بـ ((يو گِي بوليدْ انْدَمَوْگِي))،
ويغنى في مقام (ما يخرّص) وهو (رخُ أنتماس ) كر الجانبه الكحلة.
و(اتفركيس) من أشهر تايات ما يخرص الستة وهي: ( التحر ار و اتوكويك، اتفركيس ، اتلاگيط ، اتقاميس و اتناعيت) وسميّت بالتّايات لأن كل شور يبدأ بحرف التاء:
(اتفركيس) ويشوهد بـ (يو گِي بوليدْ انْدَمَوْگِي)
اتوكويك ابلا شاهد
اتلاگيط ابلا شاهد
اتناعيت، شاهده : هنون ألا هنون ــــ و اسكي مرجل هنون
ولخرين ابلا شواهد
ومن أشوار فاله ردات فبياظ مكة موسى ينگالهم (تنكارَه)
وأنشأت فالَه شور (اتفركيس) لاتْماري (ترقيص) ابنها محمد الكبير ولد محم ولد العباس، (يو گي بوليد اندموگي)، وهو شور جميل الإيقاع خفيف الكلمات (احويويص) مناسب للترقيص.
جدت عـزت :: فاله يوگي
وِيلا درست :: درس البوگي
و "البوگي" نوع من الخنط قديم ليس يبليه الجديد (إبّاشْ انصگل اباش جدْ).
وقد قيل فيه لأحد الفنانين:
لَينْ انّسمعْ :: عندك يَوگِي
يبگَ يدمع :: شيخ اعروگي
وقيل:
زينَ فالفَنْ :: عندكْ يوگي
بِيها تَمْحَنْ :: ولْ الدّوگي
من أشوار فاله (لمْجيمَّع) في مقجّوگه يشوهد بـ (يَمِّي يَمِّي يالمومنَه)
گول الفاله معمول اعليه :: لخبيط إيلا عادت تبغيه
اخبيط الواگي مخبر فيه :: و مخبر في اخبيط الرمگاني
ونعرف زاد الشور الي فيه :: اخنيك المهر الفوگاني
غير البال النخبط شي بيه :: جاها فات او لا جاراني
إلا جاني نخبط شي فيه :: وإلا ما جاني ما جاني
ومن أشوارها شور (دُبُگْ)، وأصبح من الأشوار الزمنية لمدرسة أهل انگذيْ
وقيل فيه:
شاعر غيرك كانْ اتْلنْدَ :: لَيدُ يَعگبْ هَوْلُ يِمْرِگْ
هولْ الغيركْ طُرْگُ وحدَه :: وانتَ عندكْ فالهَولْ اطرِگْ
وقيل فيه:
مداحَ بين الهيداناتْ :: اتفاگْ الدّميانْ امعَ الوُرْگْ
جابتهَ من نيلَ واعْيات :: الجّعبَه من لِخرَه تِشرگْ
رحم الله السلف وبارك في الخلف
كامل الود
سيد محمد