فتوى
ليس فى زكاة الفطر حق لمجاهد أو قاعد إنما هي حق فقير البلد
الحمد لله أما بعد فإنه يكثر فى كل فترة السؤال عن جواز نقل الزكاة وخصوصا فى هذه الفترة و لعل الكثيرين لم يظهر عندهم فرق بين زكاة المال وزكاة الفطر. لهذا أردنا بيان المسائل التالية
أولا زكاة الفطر تجب على غير الغني فلا يشترط فيها ملك النصاب بل هي زكاة أبدان بمعنى انها تجب على الذوات البشرية غير متعلقة بالأموال
ثانيا. أنها تلزم المكلف العاقل البالغ عن نفسه وعن من تلزمه نفقته بقرابة أو زوجية او التزام فوجوبها شبيه بوجوب النفقات غير معتبر فيه الغنى أو العدم
ثالثا تدفع زكاة الفطر للمسلم الفقير وليس فيها حق لمصرفي الزكاة الآخرين الذين جاءت بهم الآية الكريمة
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
رابعا اختلف فى إجزاء نقل زكاة الأموال وذكر في "نيل الأوطار": أن المروي عن مالك والشافعي والثوري عدم جواز نقلها، وأنه لا يجوز صرفها لغير فقراء البلد الذي فيه المزكي؛ أخذًا من قوله عليه الصلاة السلام لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: «خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَضَعْهَا فِي فُقَرَائِهِمْ».
ومذهب الإمام أحمد كما في "المغني" إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة من بلدها إلى بلد آخر بينهما مسافة قصر الصلاة،
وقد روى الجماعة أن النبي ـ ﷺ ـ لما بعث معاذ بن جبل ـ رضى الله عنه ـ إلى اليمن قال فيما قال له: “فإن أطاعوك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم”،
وروى أبو داود وابن ماجه عن عمران بن حصين أنه استعمل على الصدقة فلما رجع قيل له؛ أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله ـ ﷺ ـ، ووضعناه حيث كنا نضعه،.
وروى الترمذي وحسَّنه أن أبا جُحيفة قال: قدم علينا مصدِّق رسول الله ـ ﷺ ـ أي عامله على الصدقة، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا.
وقد استدل الفقهاء بهذه المرويات على أن المشروع هو صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله .
واختلفوا في نقلها إلى بلد آخر، بعد إجماعهم على أنه يجوز نقلها إلى مَن يستحقها إذا استغنى أهل بلد الزكاة عنها.
و المفتى به فى مذهب الشافعي أنه : لا يجوز نقل الزكاة من بلد فيه مستحقُّون إلى بلد آخر، بل يجب صرفها في البلد الذي وجبت فيه على المُزكي .
وهذا الخلاف فى الإجزاء من عدمه متعلق بزكاة المال ، أما في زكاة الفطر فتوزَّع في البلد الذي وجد فيه المزكي حين وجبت عليه؛ لأنها زكاة عن شخصه لا عن ماله. كما ذكر ابن قدامة فى المغني .
و قد نص خليل فى مختصره على العلة فيها (ودفعها لزوال فقر .. يومه ) والتنصيص على اليوم إشارة إلى قصد الشارع كما فى الحديث أنها طعمة للفقراء وليس كل فقراء العالم ولكن فقراء بلدته ..!
والمفتى به فى المذهب أنهم لا يُجيزون نقلها إلى بلد آخر إلا إذا وقعت به حاجة فيأخذها الإمام ويدفعها إلى المحتاجين، وذلك على سبيل النظر والاجتهاد
و تعبيرهم (يأخذها الإمام) فيه دلالة على أن ذاك تصرف سلطاني بمقتضى المصلحة العامة ليس للأفراد النظر فيه ..
والحاصل ان زكاة الفطر عبادة والقياس فى العبادات مرجوح لا راجح ودفعها لأهل البلد أكثر احتياطا فبلد تاتيه الأضاحي والهدايا الغذائية والتمور والألبان والمؤونة من كل البلدان ليس عليه أن ينقل زكواته عن قومه وفى ضواحي المدينة والأرياف فقراء محتاجون والله أعلم واحكم
وكتب الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام
عضو المجلس الاسلامي الأعلى سابقا
أستاذ اصول الفقه ومقاصد الشريعة
]