"الرحى " في زوية الساطع "عين على التراث "

«الرحى» آلة بدائية الصنع؛ وجدت في البيوت الإماراتية قديماً بغرض طحن الدقيق والحبوب، وتلك حاجة مجتمعية عكست فطنة وهندسة فكرية، فبعيداً عن النظريات الفيزيائية والعمليات الحسابية، تمكن الناس بتأثير الحاجة؛ من ابتكار هذه الآلة التي تستخدم وفق منظومة سهلة تضاهي جودة منتوجاتها أحدث الوسائل الحديثة، وتعد «الرحى» من أساسيات البيوت القديمة، فلا يكاد بيت من بيوت الحي يخلو منها، وفي حال تعذر امتلاكها، كانت تستعيرها النساء من الجيران، أو يستخدمنها في بيوت الجارات خلال التجمعات الصباحية التي يحرصن عليها كتقليد يومي سابقاً. "فتحة صغيرة": تتكون الرحى من حجرين دائرين أملسين، يوضعان فوق بعضهما بصورة متطابقة يكون الجزء العلوي أكبر من السفلي قليلاً، وفي وسطهما فتحة صغيرة لإدخال الحبوب منها، ومن هذه الفتحة يخرج عمود خشبي صغير يحفظ عملية توازن الآلة عند الدوران، كما يوجد في الحجر العلوي مقبض خشبي للإمساك به وتدويره أثناء عملية الطحن. مريم علي من النساء اللواتي لا زلن يعشن أدوات الماضي وذكرياته الجميلة، وهي تمتلك هذه الآلة منذ سنوات طويلة بعد أن حفظتها وحجبتها عن التلف، وتعتبرها من الأحجار الكريمة والنفيسة، نظراً للمكانة التي كانت تحظى بها عند القدامى، لذلك تحرص على إبرازها في مختلف الفعاليات التراثية، لتعرف الأجيال والزوار بوظيفتها وطريقة استخدامها المذهلة. (قوة بدنية): وعن طريقة استخدامها، أضافت إن الرحى تعتمد بالدرجة الأولى على القوة البدنية لدى المرأة، التي تبدأ بتدوير الجزء العلوي منها، ويساعدها في ذلك أبناؤها أحياناً، وتبدأ عملية طحن الدقيق بعد فرش أرضية الرحى بقطعة من الجلد، أو القماش بما يمنع المادة التي تطحن من التناثر على الأرض، ولكي يسهل جمعها في إناء خاص لحفظها، ثم يُوضع بعد ذلك الدقيق أو الحبوب المراد طحنها في الفتحة الصغيرة التي تتوسط الحجر الدائري، وتبدأ المرأة بتحريكه من المقبض العلوي بصورة دائرية مستمرة، وإذا كان المراد عملية طحن دقيقة للحبوب، فيتم تحريك الرحى ببطء ولفترة طويلة، وإذا أريدت حبوب مطحونة بشكل خشن، فإن عملية الطحن تكون أسرع، وتضاف الحبوب إلى الرحى في وقت متقارب. (موسم الحصاد): أشارت الوالدة مريم علي إلى أن الرحى كانت تستخدم لطحن العديد من المواد الغذائية سابقاً، مثل القمح والقهوة بعد قليها، لافتة إلى أن استخدام الرحى يكثر في مواسم حصاد الحبوب التي كانت تزرع بكثرة سابقاً لتوفير الدقيق وصنع الخبز، وكانت نساء «الفريج» يتشاركن في طحن الدقيق بلا استثناء، والتي لا يتوفر لديها الزرع، تأتي للمساعدة وتحصل في نهاية العملية على جزء من الدقيق يكفي احتياج أسرتها لفترة طويلة. (البيان + الساطع )