في التعليق على حلقة (صالون الصحافة) عن عمولة مخبر الشرطة....

في التعليق على حلقة (صالون الصحافة) عن عمولة مخبر الشرطة ....

تابعت قبل قليل حلقة مسجلة من برنامج الرائع حنفي دهاه "صالون الصحافة " على قناة  TTV جمعت إلى جانبه الصحفيين اللامعين : أحمد الشيخ وأقريني ول أمينوه وأثناء الحديث عن الصفقة سيئة الذكر والسمعة، صفقة مختبر الشرطة عرٌض الصحفي أحمد الشيخ بى ثم ذكر قصة كنت أحد شهودها على غير حقيقتها لذا أودٌ إسهاما في الجدل الدائر حول الموضوع وتنويرا للرأي العام، ومن واقع مسؤوليتي تسجيل بعض النقاط السريعة : 
1-  أُدرِك جيدا ظروف الصحفي أحمد الشيخ وأتفهم حجم الحرج والضغط النفسي الذي يعيشه من عاش حينا من الدهر موجها ومرشدا يعظ الناس في خُلقهم السياسي ويوجههم في سلوكهم ثم لم يلبث أن أصبح رهين محبسي الحديث عن حجم العمولة - التي لا ينكرها لكنه يختلف مع موقع الأخبار في رقمها - والحديث عن الشركة والدفاع عنها ، وأدرك أنه لولا ذلك الضغط لما وصف وهو - الصحفي الحاذق الماهر - حديث نائب برلماني تحت قبة البرلمان في شأن عام بالتشنشيح وآزواگ … آزواگ … ليخلص إلى اتهام صريح لي بأني ( مان فاهم عن ذا الـ أتكول الأخبار عنو ماه قرآن !) ومنذ متى كنت أطالب بالتحقيق في القرآن والتأكد من صحته كما فعلت مع مقال الأخبار؟. 
2- عضٌد الرجل حديثه بأن وزير الداخلية لم يتحدث عن الموضوع ولم يرُدٌ على مداخلتي ولا على الأسئلة التي وُجهتْ في هذ الموضوع ... شخصيا لم يسعفني فهمي أن أعرف وجه الاستدلال في الأمر، وهل سكوت وزير الداخلية الذي ستفتح إدارةُُ تابعة لوزارته تحقيقا في الأمر بعد يومين أو ثلاثة من تاريخ ذاك السكوت يعد لصالح الأمر أو ضده ؟
3- تطرق الرجل لحديث معالي وزير الخارجية السيد محمد سالم ول مرزوك أمام لجنة المالية بالبرلمان صباح الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي وذكر أنه أثنى على شخص بعينه واصفا إياه بالنزاهة ، والحقيقة - يا سيدي - أن الأمر ليس كما ذُكِر لكم، لقد كنت أجلس قُبالة الوزير وأنا مَنْ طرح السؤال وفتح الموضوع - فالرجل لم يتحدث عن الموضوع من تلقاء نفسه-، لقد كنت صريحا معه وقلتُ له إننا ننتظر منه تفنيدا قويا لحديث الأخبار ورفع دعوى قضائية ضدها أو الاستقالة من المنصب الذي يشغل ، وأثناء رده بالغ في حَمْدِ نفسه والثناء عليها ثم ثنٌى بالحديث عن أهمية المعدات والمقتنيات والمخابر لعمل الشرطة  وقال إن الإدارة العامة في تلك الفترة كان بها  طاقم من الضباط الأكفاء، ولم يذكر شخصا واحدا بالاسم ، ومن قال لك غير ذلك فقد أعطاك معلومة غير صحيحة وللأسف الشديد، لكن الأغرب في الأمر أن الوزير ختم بأنه على كل حال ليس الآمر بالصرف في الموضوع وأن الإدارة العامة للشرطة هي الآمرة بالصرف وأن الجميع يعرف هذ الأمر .
4 - بشكل عام في الدول التي تحترم نفسها تمر عملية بناء وتشييد المخابر الشرطية بالخطوات التالية : 
-  تبدي الإدارة العامة للشرطة رغبة وحاجة في بناء مختبر وتتم دراسة كلفته بشكل تقريبي ويقيٌد المبلغ في مشروع ميزانية وزارة الداخلية ويتم الدفاع عنه في مرحلة التحكيم التي تحضرها قطاعات من الداخلية والمالية وربما الرآسة أو الوزارة الاولى .
 - يصطحب وزير الداخلية معه مدير الأمن وقادة القطاع لاجتماع لجنة المالية في البرلمان من أجل الدفاع عن الميزانية التي يتم إرفاقها بميزانيات بقية الوزارات وتعقد لذلك جلسة علنية عامة يدافع فيها وزير المالية عن ذلك المشروع الذي يصبح قانونا بعد مصادقة البرلمان عليه وتوقيعه من طرف رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية . 
-  بعد ذلك يضع الفنيون والخبراء المواصفات الفنية الدقيقة للمختبر المطلوب ودفتر الالتزامات والشروط المطلوب تحققها في الشركات المتقدمة من الخبرة السابقة والقدرة المالية والنظافة الأمنية والضريبية وتعلن وزارة الداخلية عن مناقصة دولية حرة ونزيهة ومفتوحة أمام الجميع وتشارك فيها شركات من مختلف أنحاء العالم خصوصا وأن مختبر الشرطة ليس بالأمر الصعب، وبالهند والصين وفرنسا وتركيا وأمريكا وبريطانيا وغيرها آلاف الشركات المستعدة للمشروع والراغبة فيه . 
- تُفتح الظروف وتتم عملية التقييم الفني والمالي ، وللدولة في هذه المرحلة أن تستبعد أي شركة تتخوف منها أو تخشى أن تكون لها صلة بجهة تريد الإضرار بالبلد فالمختبر أمر سيادي مرتبط بأمن البلد.
- ختاما تُعلَن الشركة الفائزة وتتم متابعتها والتأكد من تقيدها بالآجال . ...
أما في حالتنا نحن كما ذكر الصحفي أحمد الشيخ فالأمر أبسط بكثير : كان هو وزميل له يحتسيان القهوة في فندق بدكار وفجأة اقترب منهما "أفگيريش" موريتاني طالب يدرس في تركيا... لا يعرفانه وسألهم هل تحتاج موريتانيا مختبرا للشرطة، فردا بعدم المعرفة لكنهما وعدا بالسؤال، فكلم أحمد الشيخ صديقه ول مرزوك الذي رحب بالأمر وطلب منهم القدوم فورا فنحن بحاجة لهم … وفي الطريق طبعا قامت الشركة "البريطانية " بمنح عمولة لمجموعة من النخبة الموريتانية لا ينفونها ولكنهم يزعمون أن الأخبار بالغت في الرقم. 
6-  نصت المادة 43 من المقرر 22/083 المطبق للقانون رقم : 21/024 اللاغي والحال محل القانون رقم  10/044 الصادر بتاريخ 22/07/2010 المتعلق بمدونة الصفقات العمومية الموريتانية على أنه لا يجوز بحال من الأحوال اللجوء لصفقات التراضي في الصفقات العمومية التي تزيد قيمتها الإجمالية على عشرين مليون أوقية قديمة إلا في حالات قليلة ومحددة منها الظرف الاستعجالي  أو الكوارث ، ومن خلال الشرح الذي قدمه الأخ أحمد الشيخ تبين أن أمر المختبر لم يكن بالأمر المستعجل فقد أمضت الشركة أزيد من عام تتردد على موريتانيا كما كلف الإنجاز أكثر من عام واستلام المبالغ  عاما وثمانية أشهر ، فلِمَ خالفت الإدارة العامة للشرطة القانون ومنحت الصفقة بصفة التراضي رغم عدم وجود حاجة استعجالية لذلك ؟
7- ما ذكره السيد أحمد الشيخ من أن الشركات في العالم لها ممثلين في العديد من البلدان تدفع لهم مبالغ مالية ويقومون لها بأعمال مقابل أجور محددة أمر صحيح ومعروف لكن الصحيح والمعروف كذلك أن هؤلاء الممثلين عادة ما يكونون معلومي المكان والعنوان وتخضع حركة المال الذي تدبره الشركات لقانون الاستثمار أو ممثليات الشركات وفي كل حال يكون أمرهم معلوما ومبالغهم الضريبية واضحة محددة فهل تم شيء من ذلك في حالتنا هذه ؟
8 – أخيرا فإن الثابت لحد الساعة أن مؤسسة إعلامية نشرت تقريرا يتهم أشخاصا محددين معروفين بتلقي أموال مقابل تسهيل إبرام صفقة بمبلغ ضخم تمت عن طريق التراضي في مخالفة صريحة للقانون ، وأن هؤلاء الأشخاص هدد بعضهم برفع دعوى إن لم تسحب الوكالة التقرير ... ولا يزال التقرير مكانه ولا يزال حديثَ الناس ، ولا يزال المواطن البسيط يعاني مثل هذ الصفقات التي تتم خارج الإطار القانوني ، أما الحديث عن المخبر وأهميته ، والحديث عن القوانين الأوربية وصرامتها والحديث عن اللوبيات وانجرار الوكالة فيها فذلك كله لا يعني المواطن البسيط الذي نهبت ثرواته ،ولا يعنيني شخصيا كنائب منتخب من طرف جزء من هذ الشعب نذرت نفسي على أن أرفع الصوت عاليا بكل ما أراه مخالفا للقانون أو فيه إضرار بالمال العام .

النائب اسلك ابهاه