خصوصيات أهل إكيد
*****
تواصل معي صديق افتراضي منذ عدة أيام، وطرح علي بعض الأسئلة المتعلقة بخصوصيات أهل إكيد، وأكد لي أن الله حبب إليه بني ديمان وقذف حبهم في شغاف قلبه، وهو مولع بأدبهم، وبلاغتهم، ونوادرهم، فقلت له إن العشاء سقط به على سرحان، وأنني مستبجك بما في الكلمة من معنى، وأحلته إلى بعض الأعيان اللي واخظ "تتكليتهم" في إكيد ويضربون بسهم في أدب الزمان وقضايا بني ديمان.
ولكنه أخلد إلى الأرض وأعرض ونأى وقال لي إنه مستهدي حت وإنه قرأ مقالات وسمع صوتيات يكفيه صاحبها عن غيره، فقلت له إنه رضي من الغنيمة بالإياب وسيعود بخفي حنين ففاقد الشيء لا يعطيه، ولما أصر وعاود الاتصال مرات وعرفت الجد من صوته، قلت له يا فل سل عما بدالك،
فقال إن الشيخ محمد اليدالي ذكر إن استدمين مستمد من الشمائل الأحمدية والسيرة النبوية فكيف ذلك، فقلت له إن أخلاق أهل إكيد تتركز كلها حول الصبر، وقد مدح الله الصابرين ووعدهم بأنه سيوفيهم أجرهم بدون حساب، وقد جاء في سورة فصلت "وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
وقد استطاع سلفنا الصالح أن يتحلوا بالصبر ويوطنوا عليه أنفسهم، فصبروا على شظف العيش، وانعدام الأمن، وصبروا على استنباط المياه وهي عملية مرهقة ومستمرة فمع هطول المطر تنهدم البئر، ويجب الاحتياط لذلك سلفا، وصبروا على عدم أداء المغرم، وصبروا على القيام بالطاعات، وصبروا عن المعاصي، وصبروا على مجاملة الثقلاء ومجالستهم إلى غير ذلك.
أما الأمثلة التي طلبت من السيرة والشمائل فالله تبارك وتعالى لما مدح رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه المبين قال له (وإنك لعلى خلق عظيم)،
وقال صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وقال لزيد الخير (فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة).
وسأكتفي بمثالين وقعا قبل غزوة بدر، أولهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب رفقة أبي بكر الصديق يتحسس أخبار قريش، فوقفا على شيخ من العرب يدعى سفيان الضمري فسأله صلى الله عليه وسلم عن قريش وعن محمد وأصحابه، وما بلغه عنهم، فقال الشيخ سفيان لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك، قال أذاك بذاك؟ قال نعم، فقال الشيخ سفيان فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، وهو المكان الذي يوجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، فلما فرغ من خبره، قال ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء، ثم انصرف عنه، فقال الشيخ من ماء؟ ماء الفرات أم ماء غسان؟
محل الشاهد في هذه القصة أن الظروف الأمنية تمنع القائد من الإفصاح عن نفسه، وهو صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى والله تعالى قال في محكم التنزيل وجعلنا من الماء كل شيء حي، فقس على ذلك.
ومن هذا الباب، أنه لما أكدت المعلومات الاستخباراتية حتمية صدام جيش المسلمين مع جيش قريش، عقد رسول الله صلى الله عليه مجلسا استشاريا أمنيا ضم كبار الصحابة، وقال لهم أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر، ودعا له، وتكلم عمر بن الخطاب والمقداد بن الأسود ودعا لهما، ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه وسام طرح السؤال قائلا "أشيروا علي أيها الناس" فقال سعد بن معاذ كأنك تعنينا يارسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم أجل فقال سعد كلامه الجميل الذي سر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم.
محل الشاهد: أن اتفاقية العقبة تنص على أن الأنصار يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي عدو يهاجمه في المدينة بما يحمون به نساءهم وأولادهم، ولذلك لم يحموه في طريق الهجرة، والوضع تغير الآن فجيش المسلمين سيواجه جيش قريش الذي يفوقه عددا وعدة بعيدا من المدينة، ولذلك كان لابد من إضافة ملحق إلى اتفاقية العقبة، فلم يذكرهم بتفاصيل البيعة واكتفى بطلب الاستشارة فقط ففهمها سعد. وقس على ذلك
ثم سأل الصديق الافتراضي عن قول أهل إكيد للمخاطب "ذاك ما افهمت؟ فقلت له إنه تكذاب أملس ..
وسأل عن قولهم قبل الجواب عبارة "عند عنو" فقلت له إنها تشير إلى تأكدهم من صحة المعلومة.
ثم أشار إلى أن العديد من العلماء والمثقفين يعزون إلى كتبهم ومصنفات آبائهم فيقول أحدهم ورد في كتابي، وقال والدي، ورويته عن أمي .. ولم يجد ذلك عند أهل إكيد فما سبب ذلك، فقلت له إن أهل إكيد لا يستخدمون l'adjectif possessif