في الإعتصام بالسنة
وفيه مسألتان :
* المسألة الأولى في ترك البدع:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم – : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي) وقال -صلى الله عليه وسلم – : ( أصحابي كالنجوم : بأيهم أقتديتم أهتديتم ). وحض على الإقتداء بالخلفاء الراشدين .
فالخير كله بالتمسك بالكتاب والسنة، والإقتداء بالسلف الصالح ، وتجنب كل محدثة وبدعة .
وقد كان المتقدمون يذمون البدع على الإطلاق ، وقال المتأخرون أنها خمسة أقسام :
– واجبة :كتدوين العلم.
– مندوبة :كصلاة التراويح.
– وحرام : كالمكوس وغيرها.
– ومكروه : كتخصيص بعض الأيام ببعض العبادات.
– ومباح : كمثل ما أحدث الناس من المطاعم والملابس؛ فقد قالت عائشة رضي الله عنها -:” لم يكن في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – مناخل “.
* المسألة الثانية في النظر والتقليد :
ذلك أن الإعتقاد يحصل إما بالتقليد ، وإما بالتقليد . فأما التقليد ، فاختلف العلماء فيه : فمذهب المتكلمين أنه ﻻيجوز وﻻيجزئ . وقال أكثر المحدثين أنه جائز يخلص عند الله، وهو الصحيح ؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قنع من الناس بحصول الإيمان بأي وجه حصل ، من تقليد أو نظر ، ولو أوجب عليهم الإستدلال أو النظر لعسر الدخول في الدين على كثير من الناس ، كأهل البوادي وغيرهم ؛ وإنما النظر والإستدلال شأن ذوي العقول الراجحة والأذهان الثابتة، وفيه تفاوت درجات العلماء ، وذلك فضل الله يوتيه من يشاء.
ثم إن خير الإستدلال ما كان على طريقة السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ؛ وهو الإستدلال بكتاب الله وتدبر آياته ، والإعتبار في بديع مخلوقاته وعحائب مصنوعاته ، والإقتداء بأخبار المصطفى -صلى الله عليه وسلم – وجميل سيرته وباهر علاماته ، ثم إخلاص المحبة له ، ولأهل بيته الطاهرين ، وأزواجه أمهات المؤمنين ، وأصحابه الأبرار الأكرمين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، رضي الله عنهم أجمعين.
المصدر : القوانين الفقهية لمحمد بن أحمد بن جزي الغرناطي