حدثني بهذه القصة أحد أعيان أهل الشيخ ماء العينين قال: حدثني الثقة عن رجل كان برفقتهم في سفر داخلي وفي إحدى محطات الطريق توقفت السيارة بسبب عطل في العجلة يقول: فنزلت أتريض ثم فجأة رأيت شابا حديث السن حسن الهيئة لم أدر من أين جاء وهو يقول: أنت ذاهب إلى انواكشوط أجبت أي نعم، فقال: أنا فلان بن فلان ونشدتك بالله أن تبلغ رسالتي هذه إلى والدتي وشقيقاتي والمنزل يقع قرب المكان الفلاني ويمكنك سؤال صاحب الحانوت وهو فلان والحانون في الساحة الفلانية قلت له اطمئن أعرف المنطقة فقال: أبلغهم أن أوراق ملكية المنزل توجد في علبة من سليا مدفونة في الركن الفلاني من البيت الفلاني بالطريقة كذا فقلت له اطمئن ستبلغهم الرسالة فظل يكرر جزاك الله خيرا ثم انصرف ولم ألق بالا له ورجعت إلى السيارة فسألني أحدهم: ذا الشاب الي كنت تتكلم امعاه منهو قلت لا أعرفه فقال: هذه الناحية ما فيها سكان فلم أعلق.
وصلت إلى انواكشوط وفي اليوم الموالي ركبت سيارة إلى المنطقة المقصودة وطفقت أسأل عن بيت اهل فلان حتى وجدت الحانوت فدخلت إليه وسألت صاحبه عن منزل تلك الأسرة لأن معي رسالة من ابنهم فلان فنظر إلي نظرة غريبة ولكنه أكمل مشيرا إلى دار أمامها شجرة وقال تلك الجالسة والدته والجالسات شقيقاته فشكرته وانصرفت مسرعا حتى وقفت عليهن مسلما فرددن السلام بخفوت فقلت معي رسالة من ابنكم فلان تتعلق بملكية داركم هذه فلذن بالصمت وأشرن إلى والدتهن فحييتها وكررت كلامي وهو أن معي رسالة من ابنكم فلان يخبركم بموضع أوراق المنزل فنظرت إلي والدته نظرة فيها كل أحزان الدنيا ولم تتكلم فرابني ما رأيت ولكن اشتد غضبي من هذا التجاهل فقلت بحدة أنا فلان بن فلان ومقيم في الحي الفلاني ولدي رسالة مهمة من ابنكم فلان تتعلق بملكية الدار وقد تعبت في المجيئ ثم تقابلونني بهكذا صمت لن أرجع إليكم بعدها وانصرفت وفي رجوعي مررت بصاحب الحانوت وقلت له أيضا ما سبب سوء أدب أهل تلك الدار فقال لي لأنك تتحدث عن رسالة من ابنهم وقد توفي منذ ثلاث سنوات أصبت بصدمة ولكنني قلت له بل هو حي يرزق وقد قابلته منذ أسبوع وحملني رسالة تتعلق بملكية دار أهله وعلى كل حال لقد بذلت جهدي وهم يتحملون المسؤولية وانصرفت غاضبا.
بعد أسبوع أو اثنين جاء من يدعي ملكية الدار وأنه الأحق بها وطلبت السلطة من المرأة وبناتها الأوراق التي تثبت ملكيتهم لمنزلهم فبهتوا وطفقوا يبحثون فلم يجدوا شيئا وبعد أن أصابهم اليأس تذكروا اسمي ورسالة ابنهم وكيف تجاهلوها فقالوا رغم أننا لا نصدق بها فهي أملنا الوحيد وظلوا في بحث دائب عني حتى وجدوني واعتذروا بكل صنوف الاعتذار وقالوا أنقذنا فأنت أملنا الوحيد فقلت لهم: الرسالة هي أن ابنكم فلان وشكله كذا فقالوا كأنك تشاهده فقلت لقيته عندما كنت في سفري وقال لي أن أبلغكم أن أوراق ملكية الدار توجد في (بطة من سليا) مدفونة في الجهة كذا من البيت كذا فبدأوا البحث وجاءت النتيجة مطابقة لما أبلغتهم فبدأت الزغاريد والأفراح واستطاعوا إنقاذ منزلهم لكنهم ظلوا في حيرة من حقيقة الرسالة وطريقة وصولها.
ولله في خلقه شؤون