شيء من خبر ولد سعيد ولد عبد الجليل

شيء من خبر ولد سعيد ولد عبد الجليل

يعد الأمير سيدي ول محمد لحبيب أمير اترارة، من أشهر وأعظم أمراء البلاد، وعرف بالأمير العادل، وكان ملما بعلوم عصره، ومهتما بالعلم وأهله، يختار القضاة والأئمة باعتبار سعة العلم والورع، ويبذل الوسع في جمع الكتب ونسخها، وقد شملت مكتبته العديد من الكتب القيمة النادرة.

وحين ألف العلامة محنض بابه ولد اعبيد الديماني، شرحه على مختصر خليل المعروف بـ (ميسر الجليل علي مختصر خليل)، طلب الأمير سيدي من الأديب محمد ولد هدار أن ينسخ له نسخة من الشرح، وأعطاه حاجته لذلك من الورق، وكان محمد ول هدار، معروفا بجودة الخط، ويعد من كتبة زمانه. 
ولما أكمل محمد نسخ الكتاب بقي لديه بعض الورق -وكان نادرا في ذلك الزمن- وقد أراد أن يهبها له الأمير سيدي، لكن الأخير امتنع عن ذلك لشغفه بالكتب ومتعلقاتها، فكان الأمر مغزى نكته ضمنها محمد قوله التالي: 
فارسْ عرْبْ آگنِّ  :: والمنجاعْ اولكراعْ

وفي استنساخه للكتب، طلب الأمير سيدي ولد محمد لحبيب من محمذن فال ولد سعيد ولد عبد الجليل -وكان من خطاطي عصره وأمهرهم، أن ينسخ له نسخة من كتاب (دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار) للإمام الجزولي.

فلما أتم ولد سعيد ولد عبد الجليل  نسخ الكتاب ضاعت عليه النسخة الأصلية، وتسمّى في مصطلح النساخين المحليين بـ (بُو لكتاب)، فغضب الأمير من ذلك، وألزم ولد سعيد بأن يرد عليه النسخة الأصلية.

وكان من فضل الله على ولد سعيد أن عثر على الكتاب، وكان حين تعلق برائعة منت البار، وشغف بها وعظم كلفه بها، كان لا يقول شعرا إلا أورد ذكرها فيه، وإن لم يكن في مناسبة القول داع لذلك.
فأرسل للأمير سيدي، وقال يخاطبه بعد أن وجد النسخة الأصلية: 
لَحَگْ لَلِّ گالْ اغدرتُ :: واشْهَدْ بالله انِّ غدّارْ 
عَنّي بُ لِكْتابْ اجْبَرْتُ :: وانْ ذاكْ الْ فيهْ امنْ التحمارْ 
يعلمْ عنِ ما حَمّرْتُ :: كونْ ابْحَمَيْرتْ (منتْ البارْ)

وحدثني محمد اطفيل احميدات، عن الأستاذ الراوية محمدّن ولد محمد عبد الله، وجدته مريم منت محنض أحمد ولد سعيد ولد عبد الجليل، ومحنض أحمد أخو محمذن فال ولد سعيد ولد عبد الجليل.

حدّثني أن محمذن فال ولد سعيد ول عبد الجليل، مدح الشيخ سعد بوه باثنتيْ عشرة طلعة وأنه يحكي منهم ستًا، ومنها قول ولد سعيد دون أن ينسى (منت البارْ):
يلّ يَعِملْ الله بيكْ إزيدْ :: في الدّنيَ والدّهر ؤلعمار
حدْ إِدِوّرْ بلّكْ باحْسيدْ  :: وإلِّ طاكْ الله منْ لسرارْ 
أبعدْ يالشيخْ اعليهْ ابعيدْ :: امْنْ اعْلِيانَ (منت البارْ)

سالكْ من لمرارْ ؤلمساخ :: واحلُو والدّين افصدرك ساخ 
واتفسخ لگلوبَ تفساخ :: تصگلْ لگلوبَ للقهار 
والنور اعلَ وجهك يِتْباخ :: گلبك يتلا فخْ من لنوار 
بو صوم ؤضروري لشياخ :: أبلغت في الوقت المختار
يلّ يَعِملْ الله بيكْ إزيدْ :: في الدّنيَ والدّهر ؤلعمار
حدْ إِدِوّرْ بلّكْ باحْسيدْ  :: وإلِّ طاكْ الله منْ لسرارْ 
أبعدْ يالشيخْ اعليهْ ابعيدْ :: امْنْ اعْلِيانَ (منت البارْ)

الطلبَه ياشيخي  من حَرْ  :: الغيرَ عَرظولك بالشّرْ 
يَغير الْمِنهَ گاعْ ابْصَرْ :: شافْ إنكْ ما تگدر تُشار 
بَحرْ احلوُ مشرومْ امن ابْحَرْ :: ما يَفرغ مَاهْ ؤلا يِمرار 
جدر الصدرَه لعاد اخظر :: معلوم الهَ ذاك افلخظار 
يلّ يَعِملْ الله بيكْ إزيدْ :: في الدّنيَ والدّهر ؤلعمار
حدْ إِدِوّرْ بلّكْ باحْسيدْ  :: وإلِّ طاكْ الله منْ لسرارْ 
أبعدْ يالشيخْ اعليهْ ابعيدْ :: امْنْ اعْلِيانَ (منت البارْ)

مقامك يالشيخ إسَلّعْ :: ماتحسد واتظر ؤتنفع
والجاهل عندك لا سَبّع :: يستعلم وسوَ ما يزّار 
وِلْ دار الولايَه يگلع  :: اجيب الولاي فنهار  
و ال داير يشبع يشبع :: دگاك ؤذباح ؤنحار 
يلّ يَعِملْ الله بيكْ إزيدْ :: في الدّنيَ والدّهر ؤلعمار
حدْ إِدِوّرْ بلّكْ باحْسيدْ  :: وإلِّ طاكْ الله منْ لسرارْ 
أبعدْ يالشيخْ اعليهْ ابعيدْ :: امْنْ اعْلِيانَ (منت البارْ)

مقامك يالشيخِ إبصل:: دونُ كم من واصل وانْصَل
وابگيت انتَ فم امحصل :: ست امسايل ماتعمل عار
ترگع للفصال المفصل :: وصلاح الدني لُ تِنزار 
واتْوصّل لَلّه واتوصل :: لجّنَه ولْفَكْ أمن النار
يلّ يعِملْ الله بيكْ إزيدْ :: في الدّنيَ والدّهر ؤلعمار
حد اتمنَ بلك باحْسِيدْ :: فِلِّ طاكْ الله من لَسرارْ
أبْعَدْ يالشيخ اعليه ابعيد :: أمن اعليان منت البار

وحدّث الأديب الكبير عابدين ولد التقي حفظه الله، قال:
لقيت المرحوم الدكتور جمال ولد الحسن -وكان ذلك آخر لقاء بيني وبينه رحمه الله- ذات ليلة سنة 1999 في مدينة المذرذره، وتزامن ذلك مع  وصول الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد للطايع في زيارة للمدينة.
قال لي جمال: عابدين اتّسَعْ امْعايَ نحكِي اعليك طلعَه لمحمذن فال ولد سعيد ولد عبد الجليل ما گط اسمعتها. 
قلت له: مانِ عالم بيها يا جمال! يغير بعد لاهِ نگعِدْ امعاك.. وكان في جماعة كبيرة.
يضيف عابدين: لا أتذكر أن ولد سعيد قال تافلويت إلا وأحفظها أو سبق أن سمعتها -بحكم الصلة والمحيط-.
قال جمال: إيْگول ولد سعيد ولد عبد الجليل:
آنَ گِرتَه ما نِرْفِدْهَا :: ماهُ فَالِ نِرْفِدْ گِرتَ
وامّنيجَه ما نَجحَدْهَا :: ؤلا نِـتْـلَـنْـدَ حَتّ حَتّ
ؤمَسْلَه شَيْنَ ما نَعْمَدْهَا :: ؤ تََعرَفْ گاعْ افْذَاكْ النِّكتَه
ألّا خَايِفْ مِنْ رَدْ أخبارْ  :: شينَه تَسمَعها مِنتْ البَارْ
واتگول إنِّ وَسَيْتْ العَارْ :: وانْجي نَلحَگها مِلْتِفْتَ
وَانَ ما نِگدرْ گاعْ أخبار :: ابْذيكْ اللفتَه والسّكتَه
قال عابدين قلت لجمال: عالم ملانَ ما گط اسمعتْ ذي الطلعه !.
وعندما رجعت إلى لخيام يقول عابدين: سألت الكهلات ممن يحفظنَ اغنَ ولد سعيد، فأجبنَ بأنهن ما سمعنها قط !
وبعد بحث طويل وجدنا رجلا سبق أن سمعها فعلا لكنه لا يحفظها.
فكانت تلك من النوادر التي أتحفني بها  جمال رحمه الله رحمة واسعة يقول عابدين.

كامل الود

سيد محمد